هل نحن حقًّا أمة لا تقرأ؟
.هل نحن حقًّا أمة لا تقرأ؟
******************
كتب : حازم محمد سيدأحمد
يقول الله تعالى :((قلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ))الزمر الآية رقم 9
ويقول تعالى فى سورة الإسراء 82(( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
في الأيام الماضية فقدت الرغبة في الكتابة، ليس لأن النزاعات المستمرة حوله الجزيرتين أصابتني بالكآبة فهي لا تنفك تقتل الشيوخ والنساء والأطفال وتدمر بيوت الأبرياء وتهجرهم من أوطانهم فيصبحوا لاجئين أذلاء بعد أن كانوا بين ذويهم أعزاء، وليس لأن شبح الإرهاب أصبح يطاردنا في جزئيات حياتنا اليومية فما بالك بالعلاقات الاجتماعية والإنسانية بين الشعب ذاته وبين المجتمعات، وليس كذلك لأن الحرية والكرامة والعدالة لا زالت حبيسة في بنود الاتفاقيات وشعارات الندوات وعناوين المقالات ... ففقدت الرغبة في الكتابة لأن مجتمعنا فقد الرغبة في القراءة!!!! فمَن من بين الشباب يحمل بين يديه كتاب؟ أو يقرأ في جريدة؟ أو يبحث بين الرفوف عن رواية؟ فيا سادة إن المجتمعات لا تفنى من فقر أو من مجاعة بل تفنى حين تفقد الرغبة في القراءة أو تحسبها مجرد هواية، أما اليوم، فالكتاب لم يعد تلك التحفة النادرة والقطعة الثمينة، فهو يملأ الرفوف فقط ،فيا ساده القراءة هي نافذة للعقل على حقل المعلومات سواء منها الإنسانية أو التكنولوجية فالأمة التي تقرأ هي أمة نافعة لأبنائها وإلى العالم كافة ، إن قراءاتنا تفتح لنا منافذ العقل وترشدنا إلى الطرق التي تنمي وعينا الفكري والثقافي فالأمة التي لا تقرأ لا تجد الحلول للعديد من مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فالبلدان المتخلفة إنما هي البلدان التي لاتهمتم بالقراءة أو بتعليم الناشئة فيها وتوعيتهم بأهميتها حيث ينتشر الجهل وما يترتب عليه من تخلف ثقافي لهذه الأمم حيث تزداد تخلفاً يوماً بعد يوم. أما الأمة التي تقرأ هي أمة تملك مقدراتها وحرياتها، فالجهل هو ملاذ الفقر ومخبؤه وهو من ألد أعداء الحرية،إن ترسيخ عادة القراءة في ناشئتنا هي من أهم السلوكيات التي لا بد من غرسها في نفوس أبنائنا، إن أهم وسائل التشجيع على القراءة هي الاهتمام بالكتاب كوسيلة للتعلم وبالتالي القراءة هي التعريف بقيمة الكتاب وجعله من أهم الجوائز التي تهدى للأ طفال في المناسبات المختلفة،هل يعقل فى زماننا هذا أن مهمل القراءة ونحن من أبناء أمة اقرأ التي هي أول كلمة خاطب بها جبريل (عليه السلام) سيدنا محمداً (صلى الله عليه وسلم)،إن خير جليس فى هذا الزمان هو الكتاب ، لذا فالقراءة هي الوسيلة الأساسية لتثقيف المرء وتوعيته بما يدور، وهي الوسيلة التي تنقل الفرد من الجهل والظلام إلى النور والعلم ومن ثم الوصول به إلى درجات النضج الفكري والعقلي وتكوين شخصيته بأبعادها المختلفة وهذا يكون نتاجه الحنكة في التعامل مع الحياة ومع المواقف المتعددة التي تمر بنا الآن ،وأن هذا التخلف الذى نحن فيه يؤدى
إلى انقسام المجتمع إلى طبقتين: الأولى قليلة العدد ذات كفاءات علمية وثقافية كبيرة جداً والثانية كثيرة العدد وليس فيها من هو ذو كفاءة علمية، لكن هناك قاسم يجمعهما ألا وهو قلة القراءة وبالتالي الثقافة العامة وهذا الأمر يعد كارثة حقيقية للمجتمع العربي ككل ،
إن القراءة هي الدعم الأساسي للثقافة مهما كانت صورها فالثقافة تكتسب تدريجياً ولا يمكن فرضها على أي كان فمتى نكون شعباً قارئاً والمقصود هنا ليس قراءة الأبجدية اللغوية أوان نكون أميين أو لا إنما القصد هي القراءة التي تميز بين الأشخاص أنفسهم والآخرين وتهيئ لهم حب الاستطلاع والمعرفة ،فلقد أصبح جليا أن الشعوب التي لا زالت تفتقد إلى الوعي والمعرفة هي التي تعيش ظروفا اقتصادية واجتماعية معقدة. فالتقدم في زماننا صار يعتمد على القراءة وتحصيل العلوم والبحث الذاتي عن حقيقة الأشياء وجوهرها. ولذلك أصبح التعليم ثروة قومية تفوق قيمتها كل المعادن الثمينة. والمجتمعات التي لا تستثمر جهودها في التعليم ونشر الوعي والمعرفة بين جميع المواطنين هي مجتمعات مهددة بالزوال والاندثار ولو بعد حين،وهنا نتساءل من يتحمل هذه المسؤولية؟ بالطبع نتحملها جميعا، أفرادا ومجتمعات ومؤسسات. فالآباء يتحملون مسؤولية تعليم أبنائهم وزرع بذور الوعي والمعرفة ورعاية ملكة البحث والقراءة بكل عناية وإفساح المجال لحرية الاختيار واتخاذ القرار، وعلى المجتمع ومؤسساته توفير الموارد والكفاءات وتطوير المناهج ومراجعتها باستمرار لكي تحقق أهدافها المنشود.
ولنتذكر دوما بأنه لا وعي بلا ثقافة ولا ثقافة بلا قراءة، والإنسان بغير الكتاب يبقى في الدرك الأسفل من الجهل.
ليست هناك تعليقات: