صوره نيفين أشرف تناقضاٍت ضارية، وتحولاٍت جذرية تزج بها الكيانات الدولية من آن إلى آخر عند تقييم الأوضاع الأمنية لمصر، سواء من قبل جهات رسمية، أو منظمات عالمية، فبعد أن تنطعت منظمة العفو الدولية في اتهام الاتحاد الأوروبي بمعاونة مصر في ممارسة أعمال القمع والتعذيب، أطلت الخارجية الأمريكية بتقييم متناقض، أشادت فيه بجهود الدولة المصرية في مكافحة الإرهاب، لتدحض بذلك كافة الاتهامات السابقة.

وكانت الخارجية الأمريكية، قد أصدرت أمس، تقريرها السنوى حول ‏وضع الإرهاب فى دول العالم لعام 2015، وفيما يخص الأوضاع الأمنية بمصر، ذكر تقرير الخارجية الأمريكية إن مصر واصلت جهودها عام ‏‏2015 لمواجهة أنشطة الجماعات الإرهابية، مشيرًا إلى انخفاض عدد التفجيرات ‏والمظاهرات المعارضة للحكومة والهجمات ضد قوات الأمن بصورة ملحوظة خلال ‏النصف الثانى من عام 2015.

وأوضح التقرير أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، واصل التركيز على ‏مكافحة الإرهاب فى مصر خلال العام الماضي، فضلًا عن ‏اتخاذ مصر خطوات جادة لتحسين إجراءات تأمين حدودها، قائلا: إن السلطات المصرية ‏عززت إجراءات التفتيش فى المطارات الجوية والمعابر، كما تبنت مصر عدة ‏إجراءات لمنع سفر العناصر المقاتلة الأجنبية إلى مناطق الصراع.

ويأتي تقرير الخارجية الأمريكية عقب أسبوعين أو أقل، من صدور تقرير منظمة "العفو الدولية"، والتي اتهمت فيه، قرابة نصف أعضاء الاتحاد الأوروبي فيما وصفته "بالتواطؤ في القمع" مع مصر من خلال توريد أسلحة تستخدم في ما أسمته المنظمة "بالاختفاء القسري" و"التعذيب" و"الاعتقالات التعسفية" بحق المعارضين المصريين.

وأكد خبراء الشأن السياسي، أن تقرير الخارجية الأمريكية يعطي مؤشرًا إيجابيًا عن اعتراف الولايات المتحدة بالنجاح الذي حققته مصر في حربها على الإرهاب، كما نوه آخرون إلى كيفية استفادة مصر من ذلك التقرير في العديد من الملفات وعلى رأسها تفعيل الاتفاقيات الأمريكة المعطلة، فضلًا عن الملفات الأمنية والاقتصادية.

الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أكد أنه يمكن لمصر الإستفادة من تقرير الخارجية الأمريكية وتوظيف مضمونه لصالحها من خلال طرحه في الحوار الاستراتيجي المرتقب بين كل من القاهرة والولايات المتحدة في واشنطن.

وأشار إلى أنه هناك العديد من الملفات التي يمكن لمصر أن تحقق فيها استفادة كبيرة بناء على تقرير الخارجية الأمريكية الصادر مؤخرًا، منها؛ تفعيل الاتفاقيات المعطلة مع الولايات المتحدة مثل اتفاقية التجارة الحرة التي تم منحها لكل من الأردن والبحرين، في حين تم وقفها مع مصر.

وأوضح، أن تقرير الولايات المتحدة سوف يساهم في تحقيق مزيد من التفاهم المشترك بين البلدين، خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري والأمني.

من جانبه قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أكد أن تقرير الخارجية الأمريكية يعد إقرارًا بالأمر الواقع في مصر، خاصة وأن هناك العديد من وفود الكونجرس وكبار المسؤولين بالولايات المتحدة، أشادوا بجهود مصر في مقاومة الإرهاب، لافتًا إلى أن مصر تعد من الدول الرئيسية التي لديها الخبرة والتجارب العملية في محاربة الجماعات الإرهابية.

وأضاف، أن ذلك التقرير يعد اعترافًا بالنجاح الكبير الذي حققته مصر في مواجهة الإرهاب ليس فقط على أراضيها، وإنما أبدت استعدادها لمعاونة أوروبا ودول البحر المتوسط في الحرب على الإرهاب.

ونوه رخا، إلى أن صدور مثل هذا التقرير يحمل مؤشرًا إيجابيًا بالنسبة للولايات المتحدة، متسائلًا عما إذا كان من الوارد أن تأخذ به دول أخرى أم سينحصر الأمر على أمريكا فقط، خاصة في ظل الموقف الروسي الغامض من شأن عودة السياحة الروسية لمصر.

وأشار إلى أن الإشادة الأمريكية بالجهود المصرية، ربما تشجع الدول الأخرى على أن تحذو حذو الولايات المتحدة وتتخذ الموقف ذاته في الاعتراف بإيجابيات الدولة المصرية، وهو ما يمكن استشفافه خلال الفترة المقبلة.